القنيطرة على صفيح ساخن… رسالة مفتوحة تضع ملف السكن تحت مجهر المساءلة

بقلم: عادل بالماحي

في خطوة لافتة تحمل الكثير من الدلالات الحقوقية والاجتماعية، وجّه الرئيس الوطني للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، رسالة مفتوحة إلى عامل إقليم القنيطرة، دعا فيها إلى فتح تحقيق عاجل ومسؤول في ملف السكن بمنطقة عين السبع وباقي المقصيين بالمدينة، وذلك على خلفية ما اعتبرته الرابطة “اختلالات خطيرة” شابت تدبير هذا الملف الحساس.

الرسالة، المؤرخة في 17 نونبر 2025، أعادت إحياء النقاش حول واحدة من أعقد القضايا الاجتماعية التي تؤرق شريحة واسعة من ساكنة القنيطرة، والتي خرجت في مناسبات عدة للاحتجاج بشكل سلمي مطالبة بحقها في السكن اللائق. وقد أكدت الرابطة في رسالتها أنّ الملف يعرف “اضطرابات واضحة” سواء في تحديد المستفيدين أو في التحقق من الحالات الاجتماعية التي تستوجب أولوية خاصة، وهو ما يستدعي—بحسب نص الرسالة—فتح تحقيق شفاف يضمن إنصاف المتضررين ويعيد الثقة للمواطنين.

ولم تتوقف الرسالة عند حدود الدعوة إلى مراجعة المعايير فحسب، بل تطرقت أيضاً لموضوع “الثراء غير المبرر” لبعض أعوان السلطة المرتبطين بهذا النوع من الملفات الحساسة. وأبرزت الرسالة واقعة المقدم الذي وضع حدًّا لحياته مخلفًا وراءه ممتلكات وبقعاً عقارية تُثير الكثير من التساؤلات، معتبرةً أن هذه الحالة “لا يمكن المرور عليها مرور الكرام” لما تحمله من تداعيات على صورة الإدارة وثقة المواطنين في المؤسسات.

وتأتي هذه الخطوة الحقوقية في سياق وطني يتسم بدعوة جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى تعزيز الحوار حول قضايا التنمية، وهي المبادرة التي أشادت بها الرابطة، معتبرةً أن الحوار الجاد بين السلطات المحلية والهيئات الحقوقية هو المدخل الحقيقي لإيجاد حلول ناجعة ومستدامة للمشاكل الاجتماعية، وعلى رأسها أزمة السكن.

كما نوهت الرسالة بالتحولات الإيجابية التي عرفتها المدينة خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً في ما يتعلق بالأوراش التنموية التي أطلقتها السلطات المحلية، غير أن الرابطة شددت على أن هذه الدينامية لن تكتمل دون معالجة جذرية لملف المقصيين من السكن، وفتح قنوات تواصل مؤسساتية منتظمة مع الفاعلين الحقوقيين.

وتبقى الرسالة المفتوحة، حسب مراقبين، دعوة مباشرة لإعادة ترتيب البيت الداخلي وتقييم مسار تدبير ملف حساس أثار جدلاً واسعاً وسط الساكنة، خصوصاً في ظل استمرار الاحتجاجات السلمية المطالبة بالإنصاف.

ويُنتظر أن تخلق هذه المبادرة تفاعلاً لدى السلطات المحلية، في ظل استعداد الرابطة للانخراط في أي مقاربة تشاركية هدفها تصحيح الاختلالات وتحقيق العدالة الاجتماعية بما ينسجم مع التوجيهات الملكية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة.

بهذه الرسالة، يعود ملف السكن بالقنيطرة إلى الواجهة من جديد، في انتظار خطوات عملية قد تعيد الثقة بين الساكنة والإدارة وتفتح أفقاً جديداً لحلول عادلة ومنصفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى