الجهة الشرقية.. كنز سياحي تنتظر الإقلاع الحقيقي

تعيش الجهة الشرقية من المغرب دينامية سياحية متزايدة، حيث تعرف توافدًا مستمرًا للسياح من داخل وخارج البلاد. هذه الحركة النشيطة تعود، حسب عدد من المهنيين، إلى الجهود المشتركة بين الفاعلين في القطاع، خصوصًا من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع نظرائهم في دول مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال لاستقطاب السياح الأجانب.

منير قديجي، المدير العام لوكالة “أوماسين” للأسفار ورئيس لجنة السياحة بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، يرى أن هذه الدينامية السياحية هي ثمرة تعاون بين مختلف الأطراف كجمعيات وكالات الأسفار والنقل السياحي والمجلس الجهوي للسياحة والمكتب الوطني للسياحة والوزارة المعنية. ويؤكد أن الجهة تتوفر على مؤهلات سياحية غنية ومتنوعة تجعل منها وجهة واعدة على المستويين الوطني والدولي.

أشار قديجي إلى أن البنية التحتية للجهة عرفت تطورًا مهمًا منذ الخطاب الملكي في 18 مارس 2003 الذي أطلق من مدينة وجدة رؤية تنموية متكاملة للمنطقة. وتم تعزيز هذا التوجه بإنجاز شبكة طرق حديثة ومطارات ساهمت في تحسين الربط وجعل المنطقة أكثر جاذبية. كما أصبح القطاع الفندقي قادرا على استقبال أعداد كبيرة من الزوار من خلال عرض إيواء يضم نحو 14 ألف سرير.

تتميز الجهة بتنوع عروضها السياحية التي تلبي مختلف الأذواق، من السياحة الشاطئية إلى الطبيعية والثقافية. وتعتبر مدينة السعيدية، المعروفة بـ”اللؤلؤة الزرقاء”، من أبرز الوجهات بفضل شاطئها الممتد لأزيد من 14 كيلومترًا، ومرافقها الحديثة التي تشمل ميناء ترفيهيًا وحديقة ألعاب مائية وملاعب غولف. كما يمتد الشريط الساحلي من أرحاش بإقليم الدريوش وصولًا إلى السعيدية، وتعد بحيرة مارشيكا بالناظور موقعًا إيكولوجيًا فريدًا يجمع بين الطبيعة الخلابة والتنوع البيولوجي.

لهواة المغامرة، توفر مناطق مثل جبال بني يزناسن وزكزل وتافوغالت فرصًا متميزة للتنزه والاستكشاف، خاصة مع وجود كهوف تعود لفترات ما قبل التاريخ. ويعد وادي ملوية ودلتاه من المناطق البيئية الغنية بفضل التنوع الطبيعي الذي تزخر به.
بالنسبة للسياحة العلاجية، تتوفر الجهة على ينابيع حرارية معروفة مثل فزوان في إقليم بركان وسيدي شافي في تاوريرت، وهي وجهات مفضلة للباحثين عن الراحة والاستشفاء. أما من الجانب الثقافي، فتبرز مدينة وجدة كعاصمة تاريخية للجهة، بمآثرها كالمسجد الأعظم وأول مؤسسة تعليم عصري، بالإضافة إلى حدائقها ومهرجاناتها التي تحتفي بالتراث الموسيقي المحلي كفن الراي والموسيقى الأندلسية.

ولا يمكن إغفال الجانب الواحي، حيث تعتبر فكيك وواحتها نموذجًا يجمع بين الجمال الصحراوي والمعمار الأصيل، رغم أن بنيتها التحتية ما زالت في حاجة إلى تقوية وأكد قديجي أن هناك انخراطًا جادًا من الفاعلين السياحيين في دعم خارطة الطريق الوطنية للقطاع التي تهدف إلى جذب 26 مليون سائح بحلول عام 2030، مشيرًا إلى التزام المستثمرين المحليين من خلال مشاركتهم في البرامج الحكومية واستثماراتهم المتواصلة.

واختتم قديجي بدعوة صريحة إلى تظافر الجهود من جميع القطاعات، بما فيها غير المرتبطة مباشرة بالسياحة، بهدف تحقيق إقلاع حقيقي للجهة الشرقية، معتبرًا أن السياحة ليست فقط قطاعًا اقتصاديًا بل هي صورة الوطن في أعين العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى