“مخدرات وجدة والسعيدية: أزمة تفتك بشباب المدينة وتخنق الأمل”
تشهد مدينتا وجدة والسعيدية في الآونة الأخيرة ظاهرة مقلقة تتمثل في انتشار المخدرات بشكل واسع، مما أصبح يهدد الأمن الاجتماعي ويدق ناقوس الخطر حول مستقبل شباب المنطقة. في ظل تزايد عدد حالات التعاطي والاتجار بالمخدرات، أصبح من الضروري طرح هذا الموضوع بشكل جاد لمناقشة أسبابه، تداعياته، والحلول الممكنة لمواجهته.
يعدّ الشباب من الفئات الأكثر تعرضاً لمخاطر المخدرات، سواء على مستوى تعاطيها أو التورط في نشاطاتها غير القانونية. في مدينتي وجدة والسعيدية، تتزايد أعداد الشباب الذين ينخرطون في هذا المأزق المدمّر، إما نتيجة للبطالة والفقر، أو بسبب ضغوطات اجتماعية وندرة الفرص التي تدفعهم إلى البحث عن ملاذات مؤقتة. ويستغل بعض التجار هذه الظروف في تسويق المخدرات بشكل غير قانوني، مما يزيد من تفشي هذه الظاهرة بين مختلف الفئات العمرية.
في وجدة، التي تعد من أكبر المدن في شرق المغرب، يشهد سكان المدينة تزايداً ملحوظاً في عدد الحالات المرتبطة بتعاطي المخدرات، حيث يُلاحَظ انتشار المدمنين في الأحياء الشعبية والشوارع الرئيسية. من جهة أخرى، تعتبر السعيدية، المدينة الساحلية المعروفة بجذب السياح، بيئة خصبة لأنشطة المخدرات، خاصة مع توفر الفرص لتهريب المخدرات عبر الحدود المغربية الجزائرية، حيث تمثل منطقة العبور هذه نقطة انطلاق لشبكات الاتجار في المخدرات.
تأثير المخدرات على المجتمع المحلي في وجدة والسعيدية يمتد إلى جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. على المستوى الاجتماعي، يعاني العديد من الأسر من تداعيات تعاطي المخدرات من خلال تدمير علاقات الأسر، تفشي الجريمة، وزيادة معدلات الطلاق والعنف الأسري. في الوقت نفسه، تُفقد المجتمعات المحلية شبابها، الذين يعدّون عصب المجتمع وأمله في المستقبل، بسبب انزلاقهم في دائرة الإدمان والجريمة.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد تسبب المخدرات في تقويض النشاطات التجارية، وتقلص فرص الاستثمار في المدينة، حيث أن المدن التي تعاني من هذه الظاهرة تصبح أقل جذباً للاستثمارات، مما يساهم في زيادة معدلات البطالة والفقر. كما أن القوانين التي تحظر المخدرات تزيد من الضغط على الأجهزة الأمنية، مما يتطلب تخصيص موارد بشرية ومالية لمكافحة هذا الخطر.
تبقى مكافحة المخدرات مسؤولية مشتركة بين المجتمع والحكومة. من الضروري تكثيف الجهود التوعوية التي تساهم في نشر الوعي بين الشباب حول مخاطر المخدرات وأثرها المدمر على حياة الفرد والمجتمع. في الوقت نفسه، يجب على الأجهزة الأمنية تعزيز الرقابة على الحدود والمناطق المشبوهة لتفكيك شبكات التهريب والاتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الصحية والعلاجية للمدمنين.
إذا لم يتم التعامل مع هذه الظاهرة بشكل جاد، فإن عواقبها ستكون وخيمة على المجتمع بكامله. ويجب أن تكون هناك إرادة سياسية قوية لمكافحة المخدرات، إلى جانب تضافر جهود المؤسسات الاجتماعية والسلطات المختصة لحماية الشباب والمجتمع من هذا التهديد المتزايد.