مافيا العقار تضرب من جديد.. منعش عقاري يزوّر تصاميم عمارة شاهقة بالدار البيضاء!

في فضيحة عقارية جديدة تهز مدينة الدار البيضاء، كشفت تحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عن عمليات تزوير خطيرة قام بها أحد أكبر المنعشين العقاريين بالمدينة، بهدف التوسع غير القانوني والاستيلاء على العقارات بطرق احتيالية. التحقيقات التي انطلقت في إطار البحث عن أنشطة مافيا العقار، أسقطت قناع الخداع عن مخطط إجرامي متقن يستهدف العبث بتصاميم التعمير، والتلاعب بالوثائق الرسمية لتحقيق أرباح خيالية على حساب القانون.

الأبحاث التي قادها ضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بمساعدة خبراء في التعمير، قادتهم إلى إحدى أكبر عمليات الاحتيال العقاري، حيث تم الوقوف على عمارة شاهقة من 12 طابقًا بشارع عبد المومن، شُيّدت بتصاميم مزورة، وأضيفت إليها طوابق خارج القانون، كما تم التلاعب بمواقع البناء واستغلال مساحات غير مشمولة بالتصاميم الأصلية.

التحقيقات كشفت أن هذا المنعش العقاري لم يكن يعمل بمفرده، بل كان محاطًا بشبكة من الموظفين والمسؤولين التابعين لمصالح التعمير، والمحافظة العقارية، والجماعات المحلية، الذين سهّلوا تمرير وثائق مزورة، ومنحوا المصادقة على تصاميم غير قانونية، في خرق سافر للقوانين المنظمة للقطاع.

لم يكن التزوير عشوائيًا، بل اعتمد المنعش العقاري على مخطط إجرامي متقن يبدأ باستخراج تصاميم قانونية أولية تراعي القوانين العمرانية، لكنه في الخفاء كان يعدّلها بطرق غير مشروعة عبر إدخال تغييرات على عدد الطوابق، مساحات البناء، والمرافق، دون المرور بالمساطر القانونية اللازمة.

التصاميم المزورة كانت تُقدَّم إلى مقاطعات إدارية متواطئة، حيث يتم المصادقة عليها على أنها نسخ مطابقة للأصل، بينما في الحقيقة هي تصاميم جديدة معدّلة لا تحترم التصميم الأصلي المرخص من الوكالة الحضرية. هذه الوثائق المزورة كانت تُستخدم لاحقًا لاستكمال إجراءات البيع والحصول على شهادات المصادقة من المحافظة العقارية، مما مكّن المنعش العقاري من تحقيق أرباح طائلة بطريقة غير قانونية.

لم تكن هذه العملية لتتم دون تواطؤ شخصيات نافذة في الإدارات المعنية بالتعمير والمراقبة، حيث كشفت التحريات أن موظفين في أقسام التعمير، المحافظة العقارية، السلطة المحلية، والجماعات الترابية، كانوا ضالعين في تمرير هذه التجاوزات مقابل رشاوى وامتيازات.

كما أظهرت التحقيقات أن التصاميم المصادق عليها لهذه العمارة لم تكن صادرة عن المصالح المختصة فعليًا، بل تم تمريرها عبر طرق ملتوية، وهو ما أدى إلى تسهيل عمليات التلاعب والاحتيال. وقد تم التوصل إلى أدلة قاطعة تؤكد ضلوع عدد من المسؤولين في هذه الجريمة، مما دفع النيابة العامة إلى التدخل الفوري واتخاذ إجراءات احترازية، شملت منع بعض المشتبه فيهم من مغادرة التراب الوطني، لضمان استمرار التحقيقات ومحاسبة جميع المتورطين.

وتُعد هذه القضية واحدة من أخطر ملفات الفساد العقاري التي شهدتها العاصمة الاقتصادية، حيث تكشف عن اختراق خطير للقوانين المنظمة لقطاع التعمير، وتفضح تواطؤ بعض المسؤولين الذين خانوا الأمانة مقابل المال. ولا تزال التحقيقات متواصلة لكشف المزيد من المتورطين، في انتظار اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق جميع المتسببين في هذه الجريمة التي أضرّت بالنظام العمراني وحقوق المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى