فاجـ.ـعة المرحاض تُدين منظومة الصحة النفسية و الجـ.ـاني قنـ.ـبلة موقـ.ـوتة انفـ.ـجرت في وجه الضحايا.

تحـــريــــر: سلمى القندوسي

استفاقت مدينة ابن أحمد على وقع جريـ.ـمة مروّعة، تجاوزت في بشاعتها حدود الخيال. العثور على أشـ.ـلاء بشـ.ـرية داخل مرحاض المسجد الأعظم لم يكن سوى بداية خيط دمـ.ـوي قاد المحققين إلى سلسلة من الكشوفات المفزعة، حيث اتضح أن المشتبه فيه الرئيسي، الذي أودع سجن “عين علي مومن”، قد يكون متورطًا في أكثر من جريـ.ـمة قتـ.ـل، مستعينًا بخبرة في الذبـ.ـح والسـ.ـلخ اكتسبها بشكل مريب.

التحقيقات الأمنية كشفت أن المتهم، الذي لم يكن جـ.ـزارًا محترفًا بل مجرد موزع للخضر و الفواكه، استطاع بطرق مشبوهة التسلل إلى المجـ.ـزرة الجماعية للمدينة، مدعيًا رغبته في “تعلم الذبـ.ـح”، ليحوّل تلك الرغبة لاحقًا إلى أداة لتقـ.ـطيع البشر. الشرطة العلمية، مدعومة بفرق خاصة و كلاب مدربة، نبشت داخل منزله و محيطه، لتكتشف بقايا بشـ.ـرية و أصـ.ـابع مبـ.ـتورة، بالإضافة إلى ملابس يشتبه في أنها تعود لخمسة أشخاص مختلفين، ما يرجّح وجود ضحـ.ـايا جدد لم يتم التعرف عليهم بعد. كما حجزت المصالح الأمنية 11 هاتفًا محمولًا، بعضها يعود لمختفين، وآخر تم التعرّف عليه من طرف زوجة الضـ.ـحية هشام سلوان من خلال ملابسه و هاتفه.

لكن الأكثر فزعًا أن المـ.ـتهم سبق له أن قضى سنوات داخل مستشفى للأمراض النفسية بإقليم تطوان، و عُرف بسلوك عـ.ـدواني و سوابق خطـ.ـيرة. رغم ذلك، خرج إلى الشارع دون تقييم طبي أو رقابة أو تتبع، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول مدى جاهزية المؤسسات الصحية و النفسية في التعامل مع مثل هذه الحالات. كيف أُفرج عن مريض معروف بخطـ.ـورته؟ من قرر ذلك؟ ومن سمح له بأن يعود إلى المجتمع دون ضمانات حماية له و للناس؟ هذه الأسئلة تضع الأطر الصحية و الإدارية في قفص الاتهام، في ظل انهيار واضح لمنظومة الصحة النفسية، التي تحوّلت من فضاء للعلاج إلى منبع للمآسي.

الشارع المغربي لم يعد يتساءل فقط عن مصير الضـ.ـحايا، بل عن مصير دولة بأكملها تترك أخطر الحالات العقلية دون رقابة، وتترك الأبواب مفتوحة أمام كارثة تلو الأخرى. في وقت يفترض فيه أن تقوم وزارة الصحة بمسؤولياتها، يُسجل غياب تام للمحاسبة، لا برلمانية ولا إدارية، بينما تتوالى الكوارث في صمت رسمي مريب.

ما جرى في ابن أحمد ليس حادثًا معزولًا، بل إنذار صارخ بأن هناك خللاً قاتـ.ـلًا لا يمكن السكوت عنه. هذه الجـ.ـريمة البشعة هي نتيجة مباشرة لتقاعس نظام صحي لم يعد يُداوي، بل يشارك بصمته وإهماله في تفريخ المـ.ـجرمين. الضـ.ـحايا ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح بريئة دفعوا ثمن الإهمال والتهاون، والكارثة القادمة قد تكون أقرب مما نتخيّل إذا استمر الصمت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى