اليوم الثاني من ملتقى جامعة ابن طفيل: استكمال عروض الأفلام الوثائقية ونقاشات حول الإعلام وصناعة المحتوى

انطلقت فعاليات الملتقى الثقافي والفني بجامعة ابن طفيل، حيث شهدت الجلسة الافتتاحية حضور مجموعة من الصحفيين والمبدعين في مجال الإعلام والسينما الوثائقية. استُهل اللقاء بترحيب بالحضور، لتُفتح بعد ذلك أبواب الحوار والنقاش باستضافة كل من الصحفي والمراسل بقناة الجزيرة، السيد المختار العبلاوي، والصحفي عبد الصمد الجطيوي، الباحث في الدكتوراه حول موضوع “الإعلام وتعامل الإعلام مع الأزمات”.

و تناول السيد المختار العبلاوي في مداخلته موضوع التغطية الصحفية بين الحدث والسرد الإعلامي، مسلطا الضوء على العلاقة بين هذه المكونات ودور الصحفي في نقل الخبر ضمن سياق تنافسي متزايد في صناعة المحتوى الرقمي. وأوضح أن التغطية الصحفية تهتم بمواضيع كأزمات الغذاء، الأوبئة، النزاعات المسلحة، التغيرات المناخية، والتطورات السياسية، بالإضافة إلى القضايا الإنسانية بمختلف أبعادها السياسية، التاريخية، والاجتماعية.

كما شدد العبلاوي على أهمية الصورة الصحفية، مشيرًا إلى أن زاوية الرؤية تلعب دورا حاسما في جذب انتباه المشاهد خلال الثواني الأولى، مما يساهم في نقل الرسائل الإعلامية بفعالية. وأكد أن التخطيط يظل المرحلة الأهم في التغطية الصحفية، لافتًا إلى التحديات الميدانية التي تواجه الصحفي أثناء نقل الأحداث، مستشهداً بتجربته الشخصية في تغطية زلزال الحوز. كما أبرز ضرورة التضامن خلال الأزمات، حيث تظهر قصص إنسانية تتطلب من الصحفي اختيار زاوية القوة التي تعكس جوهر الخبر.

و أشار الصحفي عبد الصمد الجطيوي إلى أن الصحفي الجيد هو من يستطيع خلق التشويق والسيطرة على انتباه الجمهور، موضحًا أن الأخبار لم تعد حكرًا على الصحفيين بفضل انتشار الوسائل الرقمية، غير أن الصحفي وحده هو القادر على صياغة الأخبار وتحويلها إلى محتوى متكامل عبر السرد والإبداع.
وأكد الجطيوي أن دور الصحفي ليس حل الأزمات، بل ترتيب الأولويات ونقل الأحداث بموضوعية ومهنية، لخلق وعي لدى الجمهور دون الانحياز. كما ناقش أهمية المونتاج والتصوير في تقديم محتوى رقمي جذاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشددًا على أن الإعلام لا يهدف إلى التأثير على الرأي العام، بل يسعى إلى نقل الحقائق بموضوعية.
وعند طرح سؤال حول “ما إذا كانت صناعة المحتوى إعلامًا موازيا”، أوضح الجطيوي أن صناعة المحتوى لا ترقى لتكون إعلامًا مستقلاً، بل إنها تعتمد على التنظيم والمعرفة لصياغة رسائل واضحة ومؤثرة.
تواصلت فعاليات الملتقى بعرض فيلم “العزيب” للمخرج جواد بابل، الذي أُهدي إلى روح دويدة الكريفي. نقل الفيلم حياة أختين من الرحّل بالصحراء المغربية، مستعرضًا تفاصيل يومياتهما والتحديات التي تواجهانها في منطقة أغوينت، ودور المرأة في تحمل الأعباء الأسرية في غياب الرجل. سلط الفيلم الضوء على قدرة الإنسان على خلق السعادة من أبسط الأشياء رغم قسوة الظروف.
في مناقشة الفيلم، قدم المخرج جواد بابل تجربته الشخصية مع هذا العمل الاستكشافي، معتبرًا أن تصوير الحياة العادية للأختين جاء ضمن رؤية إخراجية تعتمد على الملاحظة والمراقبة. كما ناقش أهمية التراث الحساني، متوقفًا عند الألعاب التقليدية مثل “سيدي أحمد المغومض” و”ويس”، التي ظهرت في الفيلم كجزء من الثقافة المحلية.
استمرت العروض السينمائية بسلسلة من الأفلام الوثائقية القصيرة، من بينها:
•سيدات الملوح (9 دقائق): فيلم يحكي قصة سيدة من طرفاية تمتهن جمع الطحالب البحرية، متشبثة بإرث والدها بعد وفاته.
•جلوة المريدين وخلوة الذاكرين( 11 دقيقة): للمخرج عبد الرحيم غفور، يروي رحلة شاب سنغالي من الزاوية القادرية لزيارة جلوة الموريتانية، مسلطًا الضوء على تعليم العلوم الشرعية للأطفال.
•حفن دكن( 11 دقيقة): للمخرجين جيهان العريبي وسهيل موساوي، يتناول معاناة مراقب حافلات بمدينة طنجة وظروف عمله اليومية.
•تازمامارت (11 دقيقة): للمخرجة حنان دواح، يعكس معاناة أحمد المرزوقي، الناجي من سجن تازمامارت، الذي استعاد حريته بعد عشرين عامًا.
•رحلة الطفولة( 13 دقيقة): للمخرج أحمد محيب، يناقش تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال مقارنة بالألعاب الواقعية.
•أبي والسبعينات (20 دقيقة): للمخرج عمر الإبراهيمي، يروي من خلال والده سلوكيات جيل السبعينات والتجارب التي صقلته.
• رحلة قلم (27 دقيقة): للمخرج أحمد أوداني، يستعرض فن الخط العربي ومكانته الرمزية والصوفية.
•المولوع (20 دقيقة): للمخرجين علي بنوادر ونبيلة شكر الله، يحكي تجربة مخرج بالقناة الأولى انتقل من الصورة إلى الصوت، متحدثًا عن شغفه بتربية الحمام الزاجل.
و اختُتمت فعاليات الملتقى بأجواء احتفالية، حيث شارك الطلبة الناجحون فرحتهم مع الأساتذة والأهالي، قبل أن يتم تكريم الأساتذة وتوزيع الشهادات على خريجي مسلكي صناعة المضامين الرقمية وصناعة الأفلام الوثائقية.
يؤكد هذا الملتقى على الدور الفاعل للجامعة في توسيع الإبداع وتشجيع المواهب، مواكبة للتحولات الرقمية التي تشهدها وسائل الإعلام، ورسالة مستمرة لدعم الثقافة السينمائية والإعلامية.