الأمن في مدينة الناظور.. التحديات والآفاق
تواجه مدينة الناظور العديد من التحديات الأمنية التي تشكل تهديدًا للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في هذه المنطقة الحيوية، الواقعة في أقصى شمال شرق المملكة المغربية. في ظل موقعها الجغرافي الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط وقربها من الحدود مع مليلية المحتلة، تُعتبر الناظور نقطة عبور مهمة للعديد من الأنشطة غير القانونية، من تهريب المخدرات إلى الهجرة غير الشرعية، مما يجعل الأمن فيها على رأس الأولويات بالنسبة للسلطات المحلية والجهوية.
من أبرز التحديات الأمنية في الناظور هو التعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية. في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة تدفقًا كبيرًا للمهاجرين السريين من مختلف الجنسيات، الذين يحاولون عبور الحدود إلى الضفتين الأوروبية عبر البحر أو عبر الحدود البرية. هذا التدفق الهائل يضع ضغوطًا على البنية الأمنية للمدينة، ويستدعي تكثيف الجهود لمكافحة شبكات تهريب البشر، إضافة إلى حماية المهاجرين أنفسهم من الاستغلال أو العنف.
إلى جانب ذلك، تُعد مشكلة تهريب المخدرات أحد أكبر التحديات التي تواجه الأمن في الناظور. إذ تعتبر المنطقة بموقعها الجغرافي مركزًا رئيسيًا لتهريب المخدرات، خاصة الحشيش، إلى أوروبا. تزداد هذه الظاهرة مع تزايد الضغوط على الحدود البحرية والبرية، ما يستدعي تنسيقًا أكبر بين السلطات المحلية والقوات الأمنية لضبط هذه الشبكات التي تنشط في المنطقة. التحدي يكمن في إحباط هذه الأنشطة الإجرامية التي تهدد ليس فقط الأمن المحلي ولكن أيضًا استقرار المنطقة ككل.
ثم هناك مسألة الجريمة المنظمة، التي تشمل عمليات السطو والسرقة والعنف في بعض المناطق. في السنوات الأخيرة، ظهرت بؤر جديدة لهذه الجرائم التي تستهدف الممتلكات العامة والخاصة، وهو ما يتطلب من الشرطة والسلطات المختصة تبني استراتيجيات فعالة لاحتواء هذه الظواهر من خلال تفعيل آليات الاستجابة السريعة والوجود الأمني المكثف في الأماكن الحساسة.
ورغم هذه التحديات، فإن مدينة الناظور تشهد أيضًا تطورًا في العمل الأمني من خلال تحسين التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية وتكثيف العمليات الأمنية المشتركة بين الشرطة والدرك الملكي. كما أن تطوير البنية التحتية للمدينة، من خلال توفير كاميرات المراقبة وتحديث أنظمة التنقل الآمن، يساهم في تعزيز الجهود الرامية لتأمين المدينة.
لكن تبقى المهمة الأكبر أمام السلطات هي إيجاد حلول شاملة للحد من البطالة والفقر، حيث يشكلان بيئة خصبة لظهور العديد من الأنشطة الإجرامية. فبدون تنمية اقتصادية حقيقية، سيظل من الصعب تحقيق استقرار أمني مستدام.
وتظل التحديات الأمنية في الناظور متعددة ومعقدة، إلا أن التعاون المستمر بين السلطات المحلية، الأجهزة الأمنية، والمجتمع المدني هو السبيل الوحيد لضمان الحفاظ على الأمن والاستقرار في هذه المدينة الحيوية.