أمطار محدودة تكشف اختلالات جسيمة في جاهزية إقليم بركان .

بقلم : عادل بالماحي


رغم أن التساقطات المطرية التي شهدتها بلادنا خلال الأيام الأخيرة لم ترقَ إلى مستوى الفيضانات أو الحالات الاستثنائية، إلا أنها كانت كافية لفضح واقع مقلق يتعلق بضعف الجاهزية وغياب الاستعداد الحقيقي بإقليم بركان، خصوصاً على مستوى البنية التحتية الطرقية وتصريف مياه الأمطار.
الصورة المرفقة، الملتقطة من إحدى الطرق الرابطة بين جماعة السعيدية وجماعة مداغ، تُظهر بوضوح كيف تحولت طريق يفترض أن تكون سالكة وآمنة إلى مجرى للمياه والأوحال، في مشهد يتكرر مع كل تساقطات مطرية، ولو كانت محدودة. وضع يكشف، مرة أخرى، هشاشة الأشغال المنجزة، وغياب قنوات فعالة لتصريف المياه، إضافة إلى ضعف المراقبة التقنية للمشاريع الطرقية.
هذا الوضع يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى نجاعة السياسات المعتمدة في الإقليم، وحول مصير الميزانيات المرصودة لمشاريع البنية التحتية التي يُفترض أن تحمي المواطنين وممتلكاتهم، لا أن تزيد من معاناتهم. فكيف يعقل أن تعجز طرق إقليمية عن الصمود أمام أمطار موسمية عادية؟ وأين تكمن المسؤولية: في التخطيط، أم في التنفيذ، أم في غياب المحاسبة؟
إن ما يقع لا يمكن اعتباره مجرد “حادث عابر” أو “ظرفية مناخية”، بل هو نتيجة تراكمات من الإهمال وسوء التدبير، وغياب رؤية استباقية تأخذ بعين الاعتبار التحولات المناخية التي باتت تفرض نفسها بقوة. كما أن استمرار هذا الوضع يعرض مستعملي الطريق، من ساكنة محلية وتلاميذ وفلاحين، لمخاطر حقيقية، خاصة في المناطق القروية التي تعاني أصلاً من العزلة والتهميش.
أمام هذه المعطيات، يصبح من الضروري فتح تحقيق جدي حول جودة الأشغال المنجزة، وتحديد المسؤوليات بوضوح، وربط المسؤولية بالمحاسبة، بدل الاكتفاء بتبادل الاتهامات أو الصمت الذي لم يعد مقبولاً. كما أن ساكنة الإقليم تنتظر حلولاً ملموسة، لا وعوداً موسمية تتبخر مع أولى قطرات المطر.
إن إقليم بركان، بما يزخر به من مؤهلات بشرية وفلاحية وسياحية، يستحق بنية تحتية تليق به، وجاهزية حقيقية تحمي المواطنين وتؤمن تنقلهم، لا واقعاً هشّاً تكشفه أمطار خفيفة وتعيد طرح نفس الأسئلة المؤجلة.




